سبعون عاما من التحالف السعودي الأمريكي

[السفير]

بروس رايدل – المونيتور
يصادف يوم 14 من فبراير الذكرى الـ 70 لبداية التحالف بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. ففي يوم 14 فبراير من عام 1945، التقى الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت مع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في مصر وكوّنا شراكة استمرت على مدى السنوات الـ 70 الماضية على الرغم من الضغوط الشديدة التي واجهتها بين الحين والآخر؛ ولكنها تواجه مستقبلًا غير مستقر.
كان الاجتماع سريًا لأسباب أمنية، فلم يعلم به سوى عدد قليل من كل جانب. والتقى روزفلت وابن سعود على سفينة يو إس إس كوينسي، على طول قناة السويس، فيما كانت الحرب العالمية الثانية توشك على الانتهاء. كان فرانكلين روزفلت قادمًا من قمة يالطا التي جمعته مع الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل. وكانت صحة روزفلت سيئة للغاية. بينما جاء ابن سعود من جدة على متن المدمرة الأمريكية يو إس إس ميرفي، مع حاشية من الحراس الشخصيين، والطباخين، والعبيد، وأحد علماء الفلك، والخدم؛ وكانت أول رحلة له خارج شبه الجزيرة العربية باستثناء زيارة قصيرة قام بها إلى البصرة في العراق. واتفق الجانبان على العمل معًا لضمان الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب في الشرق الأوسط، وأن تتولى الولايات المتحدة ضمان أمن المملكة، بينما يضمن السعوديون لهم الوصول إلى حقول النفط، وأن تستخدم الولايات المتحدة القاعدة الجوية في الظهران للعمليات في الشرق الأوسط. وكانت شركات النفط الأمريكية تعمل بالفعل في المملكة. وبعد أسبوعين، أعلنت المملكة العربية السعودية الحرب على ألمانيا النازية واليابان الإمبريالية، وحصلت على مقعد في الأمم المتحدة.
وعندما علم تشرشل بالاجتماع، أصر على مقابلة ابن سعود أيضًا. وخلال اجتماع الغداء قام تشرشل بتدخين سيجارته وشرب الشمبانيا. فشعر السعوديون بالإهانة؛ حيث كان فرانكلين روزفلت يدخن سيجارته خلال الاستراحة.
وقد خططت قمة كوينسي بعناية؛ فقد كان الأمير فيصل، نجل ابن سعود، والذي أصبح ملكًا فيما بعد، قد زار الولايات المتحدة في نوفمبر من عام 1943 لبدء العلاقة الودية، وأقام فيصل في بلير هاوس خلال اجتماعه مع روزفلت وكبار التنفيذيين والمسؤولين التشريعيين. كان فيصل يبلغ من العمر 36 فقط، لكنه كان يشغل منصب كبير الدبلوماسيين لدى والده منذ عام 1919، عندما سافر إلى لندن لمناقشة مستقبل المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى.
بعد زيارة واشنطن، سافر فيصل إلى تكساس ونيومكسيكو وأريزونا، وكاليفورنيا، وكولورادو، وميشيغان، ونيويورك ونيوجيرسي وماريلاند قبل أن يتوجه إلى لندن؛ حيث تم الاتفاق على القاعدة الجوية في الظهران خلال زيارة فيصل وبدأت الولايات المتحدة تقديم مساعدات عسكرية للمملكة.
وجد روزفلت أن ابن سعود كان شخصية رائعة ولكنه كان مفاوضًا صعبًا. فبعد الاجتماع الذي دام لمدة خمس ساعات، قال الرئيس لأحد مساعديه إنه: “من بين كل الرجال الذين تعاملت معهم في حياتي، لم ألتق بمثل هذا الملك العربي الذي لا أستطيع انتزاع منه سوى القليل جدًا: فالرجل لديه إرادة حديدية إن صح التعبير“.
وكانت القضية التي يتناقشان حولها هي مستقبل فلسطين والحركة الصهيونية؛ حيث حاول روزفلت إقناع العاهل السعودي بدعم خطط إقامة دولة يهودية في فلسطين بعد الحرب، لكن ابن سعود جادل بأنه بما أن اليهود كانوا ضحايا الفظائع الألمانية، فإنهم يجب أن يحصلوا على دولتهم من الأراضي الألمانية، وقال: “دعوا الألمان يدفعون الثمن” على جرائمهم. يذكر أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان القضية الأكثر إثارة للجدل في العلاقة “الأمريكية-السعودية” على مدى السنوات الـ 70 التالية، ومن المرجح أن تبقى كذلك في المستقبل.
ومنذ عام 1945، أكد كل ملك وكل رئيس على الالتزام بالشراكة التي بدأت على السفينة كوينسي. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الحكمة أن قام بزيارة المملكة العربية السعودية وهو في طريقه إلى بلاده من الهند الشهر الماضي لتقديم العزاء في الملك الراحل، عبد الله، والتشاور مع الملك الجديد، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وكلاهما أبناء ابن سعود؛ ووعد سلمان بالاستمرارية في السياسة الخارجية السعودية.
ومن الجدير بالذكر أن تقارير سعودية عن الاجتماع قد أشارت إلى أن سلمان قد أكد على أن تنفيذ خطة السلام العربية للانسحاب الإسرائيلي من فلسطين المحتلة على رأس أولوياته؛ حيث يلقي السعوديون باللوم على استمرار الصراع العربي الإسرائيلي في تأجيج الإرهاب في المنطقة.
ومنذ أحداث الـ 11 من سبتمبر، صارت العلاقة أكثر إثارة للجدل مما كانت عليه في الماضي في الولايات المتحدة وبقية الغرب؛ حيث ثارت تساؤلات حول العلاقات السعودية مع تنظيم القاعدة في التسعينيات ووقت مبكر من عام 2000.
وأصبحت المخاوف من الأرض الخصبة التي يوفرها الفكر ال***** للإسلام الراديكالي والتساؤلات حول حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين أكثر تواترًا بكثير في العقد الماضي، وتشككت مجلات كبرى في الحكمة من هذه الشراكة؛ حيث أطلقت عليه مجلة الإيكونوميست في يوم 31 يناير وصف “الاتفاق غير المقدس“، وقالت إن: “علاقة الغرب مع آل سعود يجب أن تتغير“، كما ذكر المقال أن: “ال*****ة تغذي المتطرفين المعادين للغرب“.
لكن كلا الجانبين لديه تحفظاته حتى عندما تتطابق المصالح، كما هو الحال في موضوع احتواء إيران ومنعها من امتلاك أسلحة نووية، فغالبًا ما تكون هناك خلافات حول التكتيك والتركيز؛ فالسعوديون يعتقدون أن الأمريكيين على خطأ في تسليم العراق إلى المدار الإيراني، بينما تعتقد واشنطن أن السعوديين يؤججون الفتنة الطائفية.
أوضح اجتماع كوينسي قبل 70 عامًا المشكلة الأساسية؛ فالمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لديهما القليل من القيم المشتركة. فالمملكة السعودية هي ملكية مطلقة سميت على اسم العائلة الحاكمة، بينما تعد الولايات المتحدة دولة ديمقراطية نابضة بالحياة. وفي ظل غياب أي أساس من القيم المشتركة، كان دائمًا ما يتم تعريف التحالف في المقام الأول عن طريق التهديدات والأعداء المشتركين.
الشراكة السعودية الأمريكية تدخل فترة انتقالية؛ حيث يقوم كلا الجانبين بإعادة النظر في أولوياتهم، أو من المرجح أن تكون السنوات المقبلة أكثر اضطرابًا عما أراد روزفلت وابن سعود.